1.26.2012

بدري ع الجنة

كأني سجين في هذه الحافلة، التفت حولي بأستمرار، فشكل الحافلة اليوم غير مريح تماماً مثل باقي الايام، وهو يجلس بهدوء بجانبي كأن الحافلة فصلت على مقاسه، ينظر ألي مستغرباً، وكأنه يفكر لماذا لم يركب التگسي، موضحاً بادرته في الحديث، طريق الموت من نابلس إلى رام الله، بالنسبة لي أمر عظيم فأنا ممنوعٌ من إجتياز الحواجز، نعم أجبته، ربما لكي أخفف عنه عناء السؤال، وأقلل عن نفسي الاحراج. 
إلى أين تذهب؟؟ سألني كأنه يريد أختباري، فبدون وعيٍ أتاه جوابي، الى القُدس هناك سأمضي ليلتي، ضحك كأنه ساخراً، وكيف ستدخل؟؟ بحزم اتت اجابتي لا اعرف لكن سأدخل، وأنت فقال لي بكل ثقة أنا عمري أربعة عشر عاماً، لن يمنعوا طفلاً. 
لا أعرف لماذا لم يسألني ما أسمي ولا من أين أنا ومن أكون وكذلك لم أفعل أنا، وجهه كان شاحباً تماماً كما الانتفاضة، مثلي يحاول الابتسام لشجرة نمر عنها في الطريق، أو لعصفور طنان على شجيرة عُليق في طلوع زعترة، يسألني كلما نمر عن شيء ما هو! مما قادني لإن أكون فضولياً بعض الشيء وأسأله لماذا تذهب وحدك إلى القدس أين أهلك، بتردد أجابني أريد أن لا تعرف أمي بأني ذهبت ستفقد صوابها، وأبي لا أراه فهو يعمل في إسرائيل ولا يأتي، أنا لا أريد أن أصبح عاملاً في إسرائيل، سأكمل دراستي وأذهب لأدرس تجارة كما فعل أبي، لكنه لا يستطيع ان يفتح دكان ليعمل بشهادته، أما أنا فسافتح، وأذهب الى البحر الذي اراه على التلفاز، أمي قالت لي أن بيت جدي كان قريب من هذا البحر الذي على التلفاز، وأن البحر حقيقة، أليس كذلك؟ 
عندما سألني لم أعرف ماذا اقول له أهو فعلاً حقيقة. مياهه لم تسير تحت قدماي، ولم أرى شطه، وحتى الحرية لم أشتم راحتها، فكيف أجزم له بوجود البحر،،، قلت له يا صديقي الصغير البحر شيء أزرق كبير يبقي الارض مفتوحة لأحتمالاتٍ عديدة، كشاب تنهكه السباحة أو سفينة تعبت من المسير... 
قاطعني، وأنت أيضاً ذهبت معهم إلى البحر، وتوقفت الابتسامة عن محياه عندما قلت له، وأنا مثالك أمي حدثتني. 

سألني لماذا هناك آرمات مكتوب عليها بالعربية وأخرى لا، وقلت له لأن عدونا يخاف من اللغة، فيأتي المستوطنون إلى هنا يحميهم جنود مرتزقة ويمسحون اللغة كونهم يفكرون أن بإستطاعتهم أن ينهوا وجدنا بذلك، وسألني إن كان سيؤذن قبل أن نصل القدس فقلت له سنفطر عند الاذان، وأنتهت رحلتنا في رام الله مرحلياً، نبحث أنا وهو عن أي شيء في رام الله، طعام أو شراب أو الى تكسي توصلنا الى القدس. 
كان الجو خانقاً من مسيل الدموع الذي يلقونه في الهواء، وفجأة لم أجده بجانبي ولموجهه بسيطة فتح الجنود الاعيرة النارية. 
كانت قد أصابته رصاص وراح ينادي يا صديقي،، يا صديقي،،، وعندما أقربت منه، أقشعر جسمي منا رأى عندما رئيته، لما اقتربت وصرت اسمع همسه، وهو يقول بلغ أمي، وجهه مشدود يريد ان يتكلم ولا أسمح له عل الكلام يؤذيه، وأحسسته بأنه يعصر نفسه إلى أن أبتسم،  وقال هذه المرة بحزم "أنا خلص روحت، كان نفسي اروح ع الاقصى بس مفتش، بس أحكي لأمي، انو انا بديش اروح هس ع الجنة كان لازم اشوف الاقصى"

No comments:

Post a Comment