1.19.2012

مع جمال شعاعها

كانت قريبة منه، تعكس الشمس جمالها في عينيه وهو يحاول الاستفاقة، لا ينتبه كيف يشرب قهوته، فسرعته هو نفسه لم يعهدها، كان متوتراً منكمشاً في برد الصباح. 
صباحاً كانت الساعة تدق الخامسة لتبدأ معانة ساعة التنبيه على هاتفه المحمول، في شقته، لا يرى وهو على سريره سوى شجرتي صنوبر كانتا من قبل التاريخ في نفس المكان، وعليهما عصافير يعرفها وأخرى لا يعرفها تشكل أوركسترا صباحية، تيقظ الملائكة التي تسكن نابلس القديمة، يتفقد هاتفه حاسوبه لا مكالمة أتت ولا بريد الإكتروني أيضاً، يتفقد نفسه ليتفاجئ أنه لم يفقد شيء من نفسه تماماً مثل كل صباح، يسير بروتينه الغريب، يفتح التلفاز على فضائية فلسطين، يجهز نفسه، يبعثر شعره بطريقة غريبة وينطلق إلى موعده التاريخي.  
هي قريبة منه وهو أيضاً يفيض جمالها أمام عيناه ليشهق ويشهق ثم يشرق في قهوته لسحرها، مرتبكاً ينزل من الحافلة بجانب هذا الدير القديم، الذي رؤيته تأتيك كجائزة عندما ترتقي في هذه الطريق التي تصعد إلى "الخضر" وتنظر من تحت شجرة السرو هذه لها، فكل شيء هنا كما كان منذ بداية التاريخ. 
يغمض عيناه ويفتحهما، ينكمش أكثر من أنكماشه، تسقط قهوته وترشق ملابسه من دون أن ينتبه، يجاهد البرد ليفرك عيناه، ويكتشف انها حقيقة، يهز رأسه قليلاً ليستيقظ من أحلامه لكنها حقيقة، يشد كتفيه ويرفع رأسه قليلاً أحتراماً لحضرتها، يعتذر منها، يصر عليها أن تسامحه للتأخير وهي لا تزال تبتسم. 
قبل أن تدق الثامنة بوقت لا أعرف قصير كان أم طويل لو بحثت عنه لرأيته يعاند الجنود في طريقه فهو كأي عاشق أخر يحاول الوصول إلى الحبيبة، ولا يأبه كم أتفاق أو معاهدة تمنعه منها، هو يصر والجنود يدفعونه، لو كانت أول مرة لقلت لگ أنه أستسلم، لكنه يحاول الوصل لها منذ التسع سنوات الاخيرة من عمره الذي لم يتجاوز اثنين وعشرين خريف، أعاتبه انا عندما يقيس عمره بالخريف وكل الدنيا تقيس بالربيع، فيجاوبني بحزم لو كنا أحدثنا فرق منذ ستين سنة، ولم يمنعني جندي ابله روسي عن رؤية حبيبتي لأسميته ربيع، لكن أوراقي ما زالت تذبل ويأخذها الهواء عني بعيدا وأنا بعيد عنها، يسكتني جوابه في كل مرة، وأحاول أن أقنعه أن لا يبعد ليراها. 
هو الان ما زال يهز رأسه، في مكان ما بين بيت لحم والقدس يهز رأسه ليتأكد أن هذا الشعاع الذي يأتي من مكان التحام الارض في السماء، هو من نور حبيبته، يظهر أحترامه في وقفته كعسكري أمام نشيده الوطني، أو كصوفي في الدعاء، متمسمراً في مكانه بصره نحو الشعاع، وأنا لا أجرأ على الكلام، يمضي الكثير من الوقت هكذا، ثم يلتفت إلي مبتسماً باكياً وهو يقول حسبنا يا صديقي، فالمرة القادمة سنكون قد أعتزلنا الهزيمة وندخل القدس. 
بقي صامتاً طول طريق العودة إلى نابلس، وبقى النص في عقلي ثلاث سنين خجلاً أن يخرج. 


######
لأجلك يا مدينة الصلاة نُدون – Blog4Quds#


https://www.facebook.com/events/303968206315931/

No comments:

Post a Comment