1.31.2012

Fug & Cam




Photo by: Ameer Sbaihat 

1.26.2012

بدري ع الجنة

كأني سجين في هذه الحافلة، التفت حولي بأستمرار، فشكل الحافلة اليوم غير مريح تماماً مثل باقي الايام، وهو يجلس بهدوء بجانبي كأن الحافلة فصلت على مقاسه، ينظر ألي مستغرباً، وكأنه يفكر لماذا لم يركب التگسي، موضحاً بادرته في الحديث، طريق الموت من نابلس إلى رام الله، بالنسبة لي أمر عظيم فأنا ممنوعٌ من إجتياز الحواجز، نعم أجبته، ربما لكي أخفف عنه عناء السؤال، وأقلل عن نفسي الاحراج. 
إلى أين تذهب؟؟ سألني كأنه يريد أختباري، فبدون وعيٍ أتاه جوابي، الى القُدس هناك سأمضي ليلتي، ضحك كأنه ساخراً، وكيف ستدخل؟؟ بحزم اتت اجابتي لا اعرف لكن سأدخل، وأنت فقال لي بكل ثقة أنا عمري أربعة عشر عاماً، لن يمنعوا طفلاً. 
لا أعرف لماذا لم يسألني ما أسمي ولا من أين أنا ومن أكون وكذلك لم أفعل أنا، وجهه كان شاحباً تماماً كما الانتفاضة، مثلي يحاول الابتسام لشجرة نمر عنها في الطريق، أو لعصفور طنان على شجيرة عُليق في طلوع زعترة، يسألني كلما نمر عن شيء ما هو! مما قادني لإن أكون فضولياً بعض الشيء وأسأله لماذا تذهب وحدك إلى القدس أين أهلك، بتردد أجابني أريد أن لا تعرف أمي بأني ذهبت ستفقد صوابها، وأبي لا أراه فهو يعمل في إسرائيل ولا يأتي، أنا لا أريد أن أصبح عاملاً في إسرائيل، سأكمل دراستي وأذهب لأدرس تجارة كما فعل أبي، لكنه لا يستطيع ان يفتح دكان ليعمل بشهادته، أما أنا فسافتح، وأذهب الى البحر الذي اراه على التلفاز، أمي قالت لي أن بيت جدي كان قريب من هذا البحر الذي على التلفاز، وأن البحر حقيقة، أليس كذلك؟ 
عندما سألني لم أعرف ماذا اقول له أهو فعلاً حقيقة. مياهه لم تسير تحت قدماي، ولم أرى شطه، وحتى الحرية لم أشتم راحتها، فكيف أجزم له بوجود البحر،،، قلت له يا صديقي الصغير البحر شيء أزرق كبير يبقي الارض مفتوحة لأحتمالاتٍ عديدة، كشاب تنهكه السباحة أو سفينة تعبت من المسير... 
قاطعني، وأنت أيضاً ذهبت معهم إلى البحر، وتوقفت الابتسامة عن محياه عندما قلت له، وأنا مثالك أمي حدثتني. 

سألني لماذا هناك آرمات مكتوب عليها بالعربية وأخرى لا، وقلت له لأن عدونا يخاف من اللغة، فيأتي المستوطنون إلى هنا يحميهم جنود مرتزقة ويمسحون اللغة كونهم يفكرون أن بإستطاعتهم أن ينهوا وجدنا بذلك، وسألني إن كان سيؤذن قبل أن نصل القدس فقلت له سنفطر عند الاذان، وأنتهت رحلتنا في رام الله مرحلياً، نبحث أنا وهو عن أي شيء في رام الله، طعام أو شراب أو الى تكسي توصلنا الى القدس. 
كان الجو خانقاً من مسيل الدموع الذي يلقونه في الهواء، وفجأة لم أجده بجانبي ولموجهه بسيطة فتح الجنود الاعيرة النارية. 
كانت قد أصابته رصاص وراح ينادي يا صديقي،، يا صديقي،،، وعندما أقربت منه، أقشعر جسمي منا رأى عندما رئيته، لما اقتربت وصرت اسمع همسه، وهو يقول بلغ أمي، وجهه مشدود يريد ان يتكلم ولا أسمح له عل الكلام يؤذيه، وأحسسته بأنه يعصر نفسه إلى أن أبتسم،  وقال هذه المرة بحزم "أنا خلص روحت، كان نفسي اروح ع الاقصى بس مفتش، بس أحكي لأمي، انو انا بديش اروح هس ع الجنة كان لازم اشوف الاقصى"

1.19.2012

مع جمال شعاعها

كانت قريبة منه، تعكس الشمس جمالها في عينيه وهو يحاول الاستفاقة، لا ينتبه كيف يشرب قهوته، فسرعته هو نفسه لم يعهدها، كان متوتراً منكمشاً في برد الصباح. 
صباحاً كانت الساعة تدق الخامسة لتبدأ معانة ساعة التنبيه على هاتفه المحمول، في شقته، لا يرى وهو على سريره سوى شجرتي صنوبر كانتا من قبل التاريخ في نفس المكان، وعليهما عصافير يعرفها وأخرى لا يعرفها تشكل أوركسترا صباحية، تيقظ الملائكة التي تسكن نابلس القديمة، يتفقد هاتفه حاسوبه لا مكالمة أتت ولا بريد الإكتروني أيضاً، يتفقد نفسه ليتفاجئ أنه لم يفقد شيء من نفسه تماماً مثل كل صباح، يسير بروتينه الغريب، يفتح التلفاز على فضائية فلسطين، يجهز نفسه، يبعثر شعره بطريقة غريبة وينطلق إلى موعده التاريخي.  
هي قريبة منه وهو أيضاً يفيض جمالها أمام عيناه ليشهق ويشهق ثم يشرق في قهوته لسحرها، مرتبكاً ينزل من الحافلة بجانب هذا الدير القديم، الذي رؤيته تأتيك كجائزة عندما ترتقي في هذه الطريق التي تصعد إلى "الخضر" وتنظر من تحت شجرة السرو هذه لها، فكل شيء هنا كما كان منذ بداية التاريخ. 
يغمض عيناه ويفتحهما، ينكمش أكثر من أنكماشه، تسقط قهوته وترشق ملابسه من دون أن ينتبه، يجاهد البرد ليفرك عيناه، ويكتشف انها حقيقة، يهز رأسه قليلاً ليستيقظ من أحلامه لكنها حقيقة، يشد كتفيه ويرفع رأسه قليلاً أحتراماً لحضرتها، يعتذر منها، يصر عليها أن تسامحه للتأخير وهي لا تزال تبتسم. 
قبل أن تدق الثامنة بوقت لا أعرف قصير كان أم طويل لو بحثت عنه لرأيته يعاند الجنود في طريقه فهو كأي عاشق أخر يحاول الوصول إلى الحبيبة، ولا يأبه كم أتفاق أو معاهدة تمنعه منها، هو يصر والجنود يدفعونه، لو كانت أول مرة لقلت لگ أنه أستسلم، لكنه يحاول الوصل لها منذ التسع سنوات الاخيرة من عمره الذي لم يتجاوز اثنين وعشرين خريف، أعاتبه انا عندما يقيس عمره بالخريف وكل الدنيا تقيس بالربيع، فيجاوبني بحزم لو كنا أحدثنا فرق منذ ستين سنة، ولم يمنعني جندي ابله روسي عن رؤية حبيبتي لأسميته ربيع، لكن أوراقي ما زالت تذبل ويأخذها الهواء عني بعيدا وأنا بعيد عنها، يسكتني جوابه في كل مرة، وأحاول أن أقنعه أن لا يبعد ليراها. 
هو الان ما زال يهز رأسه، في مكان ما بين بيت لحم والقدس يهز رأسه ليتأكد أن هذا الشعاع الذي يأتي من مكان التحام الارض في السماء، هو من نور حبيبته، يظهر أحترامه في وقفته كعسكري أمام نشيده الوطني، أو كصوفي في الدعاء، متمسمراً في مكانه بصره نحو الشعاع، وأنا لا أجرأ على الكلام، يمضي الكثير من الوقت هكذا، ثم يلتفت إلي مبتسماً باكياً وهو يقول حسبنا يا صديقي، فالمرة القادمة سنكون قد أعتزلنا الهزيمة وندخل القدس. 
بقي صامتاً طول طريق العودة إلى نابلس، وبقى النص في عقلي ثلاث سنين خجلاً أن يخرج. 


######
لأجلك يا مدينة الصلاة نُدون – Blog4Quds#


https://www.facebook.com/events/303968206315931/

1.15.2012

يسير على غير هدى

يسير على غير هدى

يسير على غير هدى، يتفقد ممتلكاته، يمد يده على جيبه ليتأكد من وجود بعض النقود، و ذاكرة التخزين المعلقة بمفتاح بيته، قلم حبر، ويمد وعلى وجهه قليلاً ليتأكد أنه لازال يملك عينان، لينظر بهما إلى الناصرة، وأنف ليشم رائحة البحر الذي لم يلعب بجاذبيته يوماً، يهز رأسه ليحرك ما ترسب في رأسه من أفكار، يخرج جواله من غير وعي، ليفتح القائمة ويتأكد أن أسمها موجود، ويسعده ذلك. 
صباحاً كان يلعن الحلم لماذا لا يزره أبداً، وهو يحتسي كأس الشاي، والريح تحرك الستائر مثل الاشباح من حوله، يتفقد نشرات الاخبار على التلفاز، وعلى الانترنت، يتابع تقارير تحكي عن تاريخ قريب او بعيد لا يهمه، فهو فنان في اصطياد المعلومات، ويسأل نفسه هل هي تعرف ذلك!! 

بنشاط تصحو هي، تنظر إلى سقف الغرفة، وتحرك بصرها سريعاً لتتأكد أن كل شيء كمثل ما يفترض به أن يكون، تحمل جوالها لترى أهناك اتصال أم رساله، وتذهب لتبارك يومها بدعوة أمها، تحتسي قهوتها من دون ان تنظر للأخبار، فليس في الاخبار ما يغريها، تبتسم قليلاً، لو كنت معها لأعتقدت أنه من غير سبب، لكنها تذكرته لأول مرة منذ أستفاقت، تترك بيتها الذي يسكن في التاريخ، لكي تصل للحاضر، عبر سيارة صفراء سائقها دائم الشكوى، -يحاول ان يسابق نفسه مثل (مايكل شومخر) فهو وحده الذي كان يكسر الارقام القياسية التي كان هو يصنعها-، لتستقر السيارة بعد هذه الرحلة المكوكية في جنين، تهبط من السيارة بلهفة مبتسمة فهكذا تفاصيل وجهها. 

يحاول أن يجعل الامر يبدو كصدفة، فهو يرتبگ منها منذ أن يرى أسمها على هاتفه، تشتد عنقه، ويصبح اكثر تركيزاً، يمسك قلم حبر ويلعب به بطريقة غريبة، ويجهز بعض الكلام ليقوله، فهو يعتقد أنها ملاك، ويحب عينها اللواتي ليستا اجمل عينان رأهما في حياته وإنما هما اللواتي يأسرانه، يحاول أن يفكر بما تفكر هي ويبدأ بالخيال، ويصادف انها تسأل نفسها بماذا يفكر هو الان؟؟ 

يلتقيان وكأنهما قد التقيا صدفة، يسيران بمحاذة بعض في جنين التي ما زالت تعاني بعض اعراض الغرابه، ويجلسان ويتحدثان مطولاً في كل شيء عدا ما خططا له، فهو لايريد التمادي ويخوض في ما لا تريد، وهي تريد منه أن يبتدأ المسير. 

"كان يجب ان اقول لها أمس ..."، يقولها وهو يحتسي كأس الشاي، ويهم بالخروج ليسير هلى غير هدى.