8.20.2014

الموتى أجدر بالقراءة


أنا تغريني الكتب، وتتبع عيناي الكتب حيثما وجدت، سواء عندي أكنت فضولي بهذا أم طبيعي، لا أستطيع أن أتجاوز الامر، وهذا ما جعلني أن أطلب من صديقتي أجندة من مكتبها كانت قد أصدرتها وزارة الثقافة في مناسبة يوم الثقافة الفلسطيني ١٣-أذار، لمن لا يعلم، في هذا التاريخ ولد الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وأحتفالاً بيومه أصبح لدينا عرساً وطنياً لم أذكر بكل السنين السبع اللاحقة أن أحتفل به أحد. 
أما تلك الاجندة فكانت تحتوي أسماء الادباء والشعراء والفنانون الفلسطينيون منذ بدأ التاريخ، وسيرهم الذاتية، وكان ما يجمعهم أنهم كلهم موتى بإستثناء درويش. 
درويش على غير عادتتا كُرم قبل وفاته لكن ليس من القراء، المثقفون يقرئون ويعرفون في العادة، أما موجات الثقافة الغريبة التي تجتاج الناس فهي في العادة لأجنبي وجده الناس بالصدفة، مثل موجة جابريل جارسيا ماركيز، وباولو كويلو، وأحلام مستغانمي، وبعض الكتب القليلة التي تحدث ضجة في الوطن مثل كتاب "رام الله الشقراء"، تحدث قليلاً في مجتمعنا. 
بعد وفاة درويش، أصبح الكل يقرأه والكل يحضر المناسبات التي تخص ذكراه وتكريمه وتأبينه، أتنصب نقاشات الصالونات الثقافية والمجموعات في الوطن والشتات بمناقشة أثره، وبعد سنة أقتصرت ذكراه على بعض القصائد المتكررة على شاشة التلفاز الوطني، وبعض الاقتباسات المتداولة على شبكات التواصل الاجتماعية، و وجود كتاب أشعاره الكاملة المطبوع طبعة جديدة بعد الوفاة، في المكتبات الشخصية، أذكر أني لم أكن بحاجة لشراء مجلد اعماله الكاملة وقتها، أنا أخاف عن شاعرنا سميح القاسم من هذه الموجة الثقافية التي قد تكتسح أدبه وتحشرها في إقتباسات صغيرة نتناولها بلا تفكير بها، ولا بالتحقق من سياقها في متن القصيدة على حساباتنا الافتراضية، وأبشركم بتلك "أنا لا أحب الموت لكن لا أخافه"
وأخاف أكثر على الشعراء الاحياء أن يضيع حقهم في القراءة ويتأجل حتى موتهم. 
image.jpeg


---